أصبحنا وأصبح المُلك لله في تونس كما في مصر الشقيقتين ! .. وأمسينا وأمسى مُلك العقيد أوالقائد أوالزعيم أوالديكتاتور أوالطاغية القذافي ـ أو أي إسمٍ آخرلم يُقنع صاحبه حصوله عليه طيلة الأربع عقود الماضية ، التي كان خلالها سيفا ماضيا مُسلّطا على رقاب الليبيين ـ على شُرف هارٍ سينهارُ به في نار جهنم الثورة التي تجبّر وتألّه وطغى بإسمها قبل أربعين سنة ، لكنها الآن ستحرقه كما أحرق بها قلوب الثكالى على فلذات أكبادهن الذين ما فتأت كلاب النظام ومرتزقته يجرونهم إلى سراديب التعذيب ويغوصون بهم عميقا في غياهب الخطف والفقدان ! ..
القذافي الذي لملم أشلاء كبرياءه حين هرب بن علي من تونس ، وتوجّه يومها إلى الشعب التونسي بكلماتٍ مُقتضباتٍ وناقمة !.. وعاتبه من خلالها على جرأته وعلى تطاوله على (زعيم) كبن علي ، حتى ولو كان من روق ! .. كما إنتقص من شأن ثورته ، وإحتقر قوّته وقدرته على التحرر التي أثبتها بالفعل ، لابالقول وبالخزعبلات ! ..
القذافي شعر يومها بإرتدادات الهزة الأرضية الشعبية تحت قدميه .. وأحسّ بالفزع رغم (أنفة) ملك الملوك ـ وصاحب الجماهيرية العظمى ـ التي يُناطح بها السحاب ، ولا يُنزلها عن تلك العلياء والخيّلاء قدر أُنملة ! ..
القذافي كان يجهَل ـ كما هو شأنه في الكثير من الأمور ـ بأن للخوف روائح تفوح في الهواء حتى ولوأظهر(الإنسان الخائف) الطمأنينة ، وأخفى توتره وإنفعاله ! .. القذافي كان يجهل كل تلك القوانين البيولوجية ، ويجهل أن تلك الإفرازات الهرمونية قادرة على قلب المعادلات الكيميائية خلال لحظة ، فتتحول الفريسة بموجب كل ذلك إلى صياد ، ويتحول الصياد إلى فريسة ! ..
القذافي الذي واكب التطورات العالمية وحداثتها ، ببدائية المظهر والسلوك ، وبجمود الفكر وتجميده بتلاوة إجبارية لخزعبلات كتابه الأخضر ، وكأنه دستور مثالي في مملكة فاضلة ! .. والواقع أن الكتاب الأخضر هو سلاسل حاول تكبيل عقول الليبيين بها ، وتوقيف أسطوانات أفكارهم وتعليمهم وثقافتهم عند مستوى معين كله لايتخطى ذلك الخط الأحمر ، للدولة ذات العلم الأخضر والشعب الذي يعيش تحت تأثير السحر الأسود ! ..
القذافي كان صريحا في إظهار ميله لأفريقيا أكثر من ميله للأمة العربية أو حتى الإسلامية .. ومع أنه يقول بأنه مسلم ، إلا أن ميله للأفارقة يفضح دجله ، وإيمانه بالشعوذة ، وبطقوس أفريقيا المجوسية ! .. أفريقيا التي يعتمد زعمائها (في الغالب) على الإرتواء (الحقيقي لاالمجازي) بدماء البشر ، وبإقترافهم للمجازر ، وبإباداتهم الجماعية لشعوبهم ومواطنيهم .. والقذافي هو (كبير السفاحين الأفارقة) بما أنه الحامل للقب (ملك الملوك) ، والمعادلة من هنا أعتقد بأنها واضحة وبسيطة ! ..
القذافي الذي لم يتأخر في تسليط زبانية جحيمه على المواطنين العزل ، بمجرد أن قالوا بأنهم أصبحوا ينوؤون بأنفسهم عن الصمت بعد الآن على جبروت عائلة قذافي الدماء ، وسيوف الباطل والإسراف والإستهتار بثروات ليبيا وخيراتها ! .. المواطنين الذين لم تشفع لهم سنوات صمتهم الطويلة عن مستواهم الواحد والمحدود ، رغم ملكاتهم وإمكاناتهم المختلفة والكبيرة ! .. كما لم يشفع لهم تعطيل آلياتهم الفكرية إكراما لصاحب الكتاب الأخضر ، الذي أخرج (عصارة عقله ولبنة فكره) في ( تحفته المهزلة) الجديرة بالذكر وبالتلاوة منها ولو وردا واحدا كل صباح وكل مساء ! .. النابغة الذي توصل إلى حلول لكل المعضلات الكونية ، بآراء وأفكار مثالية وبرؤى أفلاطونية بعيدة كل البعد حتى عن الإشتراكية التي جعل الشعب يُراوح بها مكانه ، فيما يُقامر صبية (القذافين) المدللين بأموال ليبيا في النوادي الكروية الأوروبية ، وفريق (ليبيا القومي) لم نسمع عنه حتى في المحلي فكيف بالقاري أو العالمي ؟! ..
القذافي الذي يستعين بالسحر لبسط قوته ، لم يتأخر كثيرا في إستدعاء سحرته وأمرهم بتغليف سماء ليبيا الأزرق بسحب الموت السوداء ، وأمرهم بأن يسحقوا جماجم شعبه حتى يختلط إصفرار أمخاخهم مع إحمرار دمائهم ، في مشهد كلاسيكي معروف عن السفاحين الذين يتفنّنون في رسم لوحات مجازرهم بالأعضاء والألوان البشرية ؟! ..
القذافي الذي إستعان بالأفارقة من جنسيات آكلي لحوم البشر للتنكيل بشعبه الليبي ، ليس مسلما ولم يشم ريح الإسلام ، حتى ولو سمّى جميع ثمار شجرته العائلية الخبيثة بأسماء إسلامية ، وحتى لو تظاهر بإمامة الأفارقة في مشهد (الآيروبيك) وتقليد الحركات والسكنات ؟! ..
القذافي مجوسي من أبطال رائعة (المجوس) للكاتب الليبي العالمي (إبراهيم الكوني) ، ونموذج حقيقي لـ (كبيرهم الذي علّمهم السحر) ، ومصيره بالتأكيد لن يكون بمجاورة أحباب الله من الصحابة وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خير خلق الله ! ..
وسيكون بذلك أقل حظا من بن علي الذي يترجى أن يُدفن في مقبرة الصحابة ! .. ولأن جميع البشر خطاؤون وخير الخطائين التوّابون ، فنحن ندعوا الله العلي القدير ، العفو الكريم ، أن يشمله بعطفه ورحمته ومغفرته ، وأن يهدينا جميعا لما يحبه ويرضاه ، آمين يا رب العالمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن | 20 . 02 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت