بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 أبريل 2011

وما تلك بيمينك يا موسى ؟!

موسى هو كليم الله الذي سأله عن العصا قائلا : (.. وما تلك بيمينك يا موسى ؟) .. ( فقال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ، ولي فيها مآرب أخرى) !.. أجاب موسى ـ وبتلقائية ـ بوهنه وبضعفه البشري ، وصرّح بحاجته إلى مُتكأ بين الحين والآخر .. كما أجاب بأنه راعي يتحمّل مسؤولية رعيته .. وأنه يذود عن حماه أيضا بإستعمال المُتكأ في مآرب أخرى !..
ذاك موسى نبي الله وكليمه (سيقول قائل) ، ولا مجال لمقارنته بأي موسى آخر على وجه المعمورة .. وذلك صحيح من منظور أن التطابق بين البشر مستحيل حتى في حالة التوائم السياميين .. لكنه خاطئ من منظور أن موسى المتواضع لله ولعباده ، والعارف لحدوده وقدر نفسه ، والمُعترف بضعفه الطبيعي الذي عُجن بطينته في المقام الأرفع على عتبات الجنة ، والشاعر بمسؤوليته تجاه رؤوس من الماشية ، عليه أن يدُلها على مواطن الماء والكلأ وأن يرأف بها ، وأن يحميها من الذئاب والضواري .. نموذجا من زمن المعجزات لايتكرر ، وأن اخلاقه من أخلاق الأنبياء والصالحين الخاصة التي يصعب الإقتداء بها !..
فمعجزات الله لم تتوقف عند تحويل عصا موسى إلى حية تسعى ، ورسالاته إلى عباده لم تتوقف أيضا عند ألواح موسى .. بل إن معجزاته كما رسالاته لم تكن إلا لهداية الخلق إلى سُبل تجعلهم عند الله مثل موسى (أليست معجزة العصا هي محاولة لهداية فرعون ؟!) ، وللمجتهدين منهم حظوظا بأن يكونوا أحسن من موسى ، حتى ولولم ينالوا شرف مخاطبة الله وسماع قداسة كلامه في الدنيا كما موسى !..
ذاك موسى الذي أُختير ليحمل على عاتقه مصير (شعب) بني إسرائيل ، فانكفأ على هدايتهم إلى سبُل الرّشاد رغم صعوبة مراسهم ورغم تذمّرهم المستمر وتزمّتهم ، ودأب على مناصرتهم والوقوف إلى جانبهم في وجه فرعون الطاغية وحزبه ! .. ولا مجال للمقارنة ـ (بطبيعة الحال) ـ بينه وبين موسى الجامعة العربية الذي أختير ليحمل على عاتقه مصير (أمة) تعداد سكانها أكثر من ثلاثمائة وتسعة وثلاثين مليون نسمة ، فانكفأ على ذاته وعلى مصالحه الشخصية وعلاقاته بأصحاب السمو والجلالات ، وأصحاب النفوذ والأموال والهدايا والهبات ، وترك الأمة وشعوبها تتخبط في مخاضات صعبة للديمقراطيات المفقودة وطلبا للحريات المُصادَرة من طُغاةٍ.. لم يقف موسى في وجوههم يوما ،
ولم يقدّم النصح يوما حتى لعجوز مصر الذي كان قابعا أمامه !..
لامجال للمقارنة بين موسى ذاك الزمان الذي كفر بنعمة فرعون الطاغية ، وانشق عنه عندما إدّعى الرّبوبية والتألّه رغم أنه أكل من ملح داره .. وبين موسى هذا الزمان الذي دخل أول ما دخل على الطاغية يقبل يداه ويتمنى رضاه ، ويطمع ببعض الفتات حتى ولو كان من مزابل البيت !..
لامجال للمقارنة بين موسى ذاك الزمان الذي قاسم شعبه تشرّده واضطهاده ، وقضى على رأس الشر ودخل ببني إسرائيل آمنين سالمين إلى مصر .. وبين موسى هذا الزمان المتملق الأخرس عن الحق ، والراكب على موجة الثورة والتغيير لخلافة سيده على عرش مصر !..
لامجال للمقارنة أبدا بين من كاد يقول : (ياربّ إعفيني) ، لما يعلم من عظيم مسؤولية القيام بشؤون شعب متطلّب وصعب الإرضاء ، شعب عنه سيُحاسب وسيُسأل .. وبين مَن يقول : (ياربّ إلى الكرسي قرّبني وفي هواه زدني) ، لما يعلم من سهولة التنصل من المسؤولية والرّكون إلى الإنغماس في (بوفيهات) المال العام والإختلاسات دون حسيب ورقيب !..
هناك موسى من بين ملايين العرب ، يشبه موسى كليم الله في حسه بالمسؤولية ..وقد لايكون إسمه موسى حتى .. يقود الأمة العربية إلى وحدة حقيقية لم يُقدّرها عمرو موسى ولا مَن يدين لهم بالطاعة والولاء في تشرذمهم وفرقتهم وغطرستهم وطغيانهم من الملوك العرب والرؤساء !..
موسى يُدرك أنه سيُأتى يوما كتابه عن يمينه أو عن شماله .. خلاصة لكل ما قدّمت وما ملكت يداه !.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن | 13 . 04 . 2011



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أترك تعليقا لو أردت