أوردت بي بي سي نبئا عن قمّتي جبلين معروضتين للبيع ، وهما ضمن سلسلة جبال الألب الشهيرة بالنمسا !.. وقُدر مبلغ القمتين ـ بحسب نفس المصدر ـ بـ (مائة وواحد وعشرين ألف يورو) !.. ورغم أن المبلغ يبدو خياليا لفئة من الناس ، إلا أنه يُعتبر (بقشيشا) لدى بعض الأثرياء من الملوك والأمراء والوزراء والمُدراء .. و .. وعند كل (مسعور) عربي بالنقود !..
وتخيّلت أن تُشيع نفس الوكالة ربما ـ في الغد القريب ـ نبئا عن رجل من طينة عربية ، يستحضر جانبه (الدكتاتوري) ، ويُنفق من (ذات يمينه) ليُنشئ له دكتاتورية على قمم جبال الألب ؟!..
تخيّلت أن يقوم (المُشتري العربي) بتسييج قممه ، وحبس (السكان الأصليين) داخل ذلك السّياج ويتسلط عليهم ، ويتحكم فيهم ، ويضطهدهم ، ويُحاسبهم في الطالعة والنازلة ؟!..
تخيّلته يُطاردهم في أرجاء (مزرعته) بالعصا والعُقال !..
ربما ذلك الهاجس إنتاب سكان تلك القمّتين المعروضتين للبيع أيضا ، إذ عبّروا عن جام غضبهم وحنقهم من حكومتهم التي ـ من المفروض ـ أن من واجبها حماية سيادة وطنهم ، وتأمين حرّياتهم ، وصيانة كرامتهم .. لا أن تقوم ببيع وطنهم هكذا ببساطة ، وبيعهم معه كالعبيد في سوق النخاسة ؟!..
تذكرت ـ تزامنا مع قراءتي للخبر ـ فيلم مصري بعنوان (عايز حقي) ، حيث يجد بطل الفيلم شابة جالسة في محطة القطار .. فيجلس بجانبها .. فتبادره الشابة بالسؤال ـ بعدما رأت نسخة من الدستور في يده ـ : هناك مادة في الدستور لم أفهم معناها لحد الآن ، رغم أنني طالعتها مرار وفكرت في معناها مرارا ؟!.. وهي تلك المتعلقة بحق كل مواطن في المال العام ؟.. وهل معناها أن لكل مواطن الحق في بيع نصيبه من ذلك المال ، فيما لو كان يعيش في فقر مُدقع ؟!.. كالبطل الذي تشتعل أمامه (لمبة) الفكرة العبقرية أثناء حديث الشابة عن ميراث كل فرد من مال الدولة !.. فهو إذ وصل إلى تلك المحطة .. وتلك اللحظة التي يجلس فيها بجانب الشابة (الفضولية) الجالسة بمحطة القطار .. كان قد مرّ بمحطات .. آخرها المكتبة العمومية التي تعمل بها حبيبته التي قامت بطرده ، فحمل كتابا لم يكن يعلم بأنه الدستور .. أو بالأحرى لم يكن يبالي لحظتها ، لذلك هزّ كتفه ومدّ شاربيه قبل أن يُغادر !..
لم يكن يعلم أنه حمل معه مفتاح الكنز ، الذي سيحقق له كل أحلامه ، وأغلاها على قلبه حلم الزواج بحبيبته !.. فقام فعلا بالزواج بالمجّان .. وبسم إمتلاكه لحصة من المال العام ترخص له بذلك !.. بعدها تطور الحلم في بيع الحصص من المال العام ، ليصل إلى حد عرض الوطن برمّته للبيع في مزاد علني ؟!..
وفي لحظة فارقة ، لاحظ البطل أن (فئة بعينها) مُصرّة ـ أكثر من غيرها من المُزايدين ـ على الشراء ، ومهما كلف الثمن ؟!.. فعرف أن وطنه يساوي الكثير ، مادامت تلك الفئة بذلك الإصرار لشرائه رغم أنها لم تنشأ على ترابه ، ولم ترتوي بمياه أنهاره ؟!.. فكيف به يعرضه هو للبيع بعدما حوى ذلك الوطن كل ذكرياته وكل أحلامه وكل أمانيه ؟!..
ذلك كله في التمثيلية .. أما في واقع النمساويين ، فمسألة عرض الوطن للبيع حقيقية وبالكاد يُصدّقونها .. أو نصدّقها نحن !.
12 . 06 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت