بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 يناير 2011

مات الشاه عابديـن !


هنيئا للشعب التونسي باقتراب رحيل الجنرال الديكتاتور (السي) بن علي .. وهنيئا له صموده في وجه وحشية البوليس والعسكر .. وهنيئا لنا بدرس في (الإرادة الشعبية) لو كنا ممن يعقلون أو يتعلمون ! .. الإرادة التي ماكان يعتقد الجنرال أنها لدى شعبه طيلة عقود إستعباده وإضطهاده الماضية ، فاضت بها شوارع تونس وقضت على التراكمات التاريخية المزرية ، وكسرت الحصار عن الأحلام والطموحات الجماهيرية في تغييرات جوهرية لاتقتصر على إسقاط بعض البيادق من الوزراء والمستشارين ، لأن النظم لاتسقط إلا بسقوط رؤوسها وسقوط الشاه ، ومن سوء حظ السي بن علي أنه الرأس الذي ما أحسن تقدير قوة جسد شعبه المتحد والمتكاتف ! ..
وفي خضم الإفرازات المتتالية للأزمة ، ألحّ عليّ سؤال واحد : ما سبب إقالة زين العابدين لمستشاره السياسي ؟! .. برأيي هناك إجابتان للسؤال ، الأولى أن المستشار المقال كان يشير على (سيده) بسلخ جلود مواطنيه ، وكان يسوّل له الإبتعاد عن النهج الرباني في الرحمة بالعباد وبثروات البلاد ، فلما أفاق السيد على وقع ضجيج الجماهير وثورتهم على تقصيره في كل حقوقهم ، وإضطهادهم عن طريق كلاب نظامه ، صحى ضميره وقرر طرد الشيطان الذي كان بجانبه يوسوس له طيلة الوقت بتعذيب شعبه الطيب ! .. والثانية أن المستشار أعياه نفاقه لسيده طيلة العقود التي قضاها في خدمته ، وحيث كان يُثني عليه ـ حين يتفنن في تشريح أجساد رعاياه ـ في الوقت الذي يتقزز من تصرفاته وساديته .. وحين قامت الإنتفاضة الشعبية ، طفح كيل المستشار الخادم بسبب زيادة عصبية السيد عليهم هم خدمه وتصغيرهم ، فتجرأ وخرج عن طوعه وأشارعلى السيد المستبد بما كان يجب أن يشيره عليه منذ زمن بعيد : ( أن يستقيل) ! ..لتكون تلك الإستشارة إيذانا بخروج صاحبها من نعيم جنة عابدين ، وشطبا نهائيا من قوائم متملقيه ومريديه ؟! ..
وتلك كلها إستقراءات ساخرة عن حكومة تعرف بأن مآلها السقوط ، ليس بسبب بعض القطع المتآكلة التي يتم إستأصالها بإنتقائية ، بل لأنه يجب تطهير المكان المتعفن كليا حتى يتعافى الجسد التونسي من جديد ، وأهم قطعة يجب التركيز عليها هي إرث السي بن علي وجميع مخلفات سياساته  ، وستكون لكل ذلك آثار جانبية لكنها صحية في النهاية ! ..
فهم زين العابدين أخيرا إذن أن المطلب الشعبي الأكثر أهمية ، هو ضرورة تنحيه (شخصيا) عن قمة الهرم ، بوصفه الشاه الظالم المُلاحق من طرف شعبه ، فأعلن عن إنعدام نيته في الترشح لعهدة رئاسية أخرى في العام 2014 ، كما تعهد بإحترم الدستور فيما تبقى من أيام معدودات لنظامه ، ما تضمن وجود إنتهاكات حاصلة لحقوق المواطنة و الإنسان من طرف النظام خلال العهدات الماضية .. وبذلك يكون قد أعلن عن بداية النهاية لمرارة تونسية بطعم العلقم ، وبداية النهاية لحكومة لم تقدم شيئا يذكر مقابل ما أخذته ، فلتذهب غير مأسوفٍ عليها ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 14 . 01 . 2011



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أترك تعليقا لو أردت