وفي خضم الإفرازات المتتالية للأزمة ، ألحّ عليّ سؤال واحد : ما سبب إقالة زين العابدين لمستشاره السياسي ؟! .. برأيي هناك إجابتان للسؤال ، الأولى أن المستشار المقال كان يشير على (سيده) بسلخ جلود مواطنيه ، وكان يسوّل له الإبتعاد عن النهج الرباني في الرحمة بالعباد وبثروات البلاد ، فلما أفاق السيد على وقع ضجيج الجماهير وثورتهم على تقصيره في كل حقوقهم ، وإضطهادهم عن طريق كلاب نظامه ، صحى ضميره وقرر طرد الشيطان الذي كان بجانبه يوسوس له طيلة الوقت بتعذيب شعبه الطيب ! .. والثانية أن المستشار أعياه نفاقه لسيده طيلة العقود التي قضاها في خدمته ، وحيث كان يُثني عليه ـ حين يتفنن في تشريح أجساد رعاياه ـ في الوقت الذي يتقزز من تصرفاته وساديته .. وحين قامت الإنتفاضة الشعبية ، طفح كيل المستشار الخادم بسبب زيادة عصبية السيد عليهم هم خدمه وتصغيرهم ، فتجرأ وخرج عن طوعه وأشارعلى السيد المستبد بما كان يجب أن يشيره عليه منذ زمن بعيد : ( أن يستقيل) ! ..لتكون تلك الإستشارة إيذانا بخروج صاحبها من نعيم جنة عابدين ، وشطبا نهائيا من قوائم متملقيه ومريديه ؟! ..
وتلك كلها إستقراءات ساخرة عن حكومة تعرف بأن مآلها السقوط ، ليس بسبب بعض القطع المتآكلة التي يتم إستأصالها بإنتقائية ، بل لأنه يجب تطهير المكان المتعفن كليا حتى يتعافى الجسد التونسي من جديد ، وأهم قطعة يجب التركيز عليها هي إرث السي بن علي وجميع مخلفات سياساته ، وستكون لكل ذلك آثار جانبية لكنها صحية في النهاية ! ..
فهم زين العابدين أخيرا إذن أن المطلب الشعبي الأكثر أهمية ، هو ضرورة تنحيه (شخصيا) عن قمة الهرم ، بوصفه الشاه الظالم المُلاحق من طرف شعبه ، فأعلن عن إنعدام نيته في الترشح لعهدة رئاسية أخرى في العام 2014 ، كما تعهد بإحترم الدستور فيما تبقى من أيام معدودات لنظامه ، ما تضمن وجود إنتهاكات حاصلة لحقوق المواطنة و الإنسان من طرف النظام خلال العهدات الماضية .. وبذلك يكون قد أعلن عن بداية النهاية لمرارة تونسية بطعم العلقم ، وبداية النهاية لحكومة لم تقدم شيئا يذكر مقابل ما أخذته ، فلتذهب غير مأسوفٍ عليها ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 14 . 01 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت