أحيانا نكتب ونكتب حتى يُخيّل إلينا أننا نقع فرائس للتناقض ما بين كتاباتنا ، والحق أن الكتابة المستمرة تساهم في تجديد الأفكار ، وتصحيحها أيضا لو بدا خطأها مع تحسين المستوى الفكري والثقافي ! .. وبهذا الصدد ذكرت في مقال سابق أن الوضع في مصر مفتوح على كل الجبهات ، وقابل لكل الإحتمالات ، بقياس القوة الشعبية البالغة ثمانين مليونا ، بقوة الجيش الأكبر في المنطقة ، ولسان حالي وقتها كان يقول بأن الشعب قادر على إسقاط الحكومة ، والحكومة بدورها قادرة على تطويق الإنتفاضة وحتى إخمادها بالنظر إلى إمكاناتها العسكرية ! .. ورغم أني كنت حينها متأكدا مائة بالمائة من صحة قياسي للمسألة ، إلا أنني لم أكن أرى وجه الإنسانية الواجبة على الجيوش في أيام الحرب قبل أيام السلم ، وضرورة حماية أرواح شعوبها مهما بلغت درجة فورانها ، ومهما أحدثت من فوضى ، لأن التقتيل لن يفيد في وضع حد لتلك الثورات الشعبية ، ولن يحملها بالتأكيد على إبادة ثمانين مليون ! ..
لهذا أعدت التفكير مليا تزامنا مع التطورات المتسارعة في الساحة المصرية ، وبعدما تابعت زحف الجيش بدباباته ومدرعاته وانتشاره في أرجاء من مصر ، وتساءلت : هل فعلا ستبدأ تلك الدبابات بإطلاق النيران على الناس وعلى المباني لو تلقت إيعازا بذلك ؟! .. وهل ستعيث تلك القوات في البلد خرابا وفي العباد تقتيلا لو وصلت أنانية الرئيس المصري إلى أقصاها ، ولو وصلت رغبته في التشبث بالكرسي مداها ومنحها إذنا بذلك ؟! ..
الجيش هو حامي الأوطان من الأعداء الخارجيين ، وهو لحماية السيادة الوطنية وثوابتها من التدخلات والخروقات والإنتهاكات الخارجية .. وهو ليس أبدا لتهديد المواطنين بإستعراض جحافله ومدرعاته العملاقة أمامهم وكأنه يملك حقا إنسانيا أو حتى دستوريا في مهاجمة المدنيين حتى في صفوف الأعداء فمابالك بالمصريين ؟! ..
الجيش ليس للفصل بين الشعب والحاكم ، بل هو لحمايتهما معا في حدود الوطن ، وما يحدث بين الحاكم والمحكوم من نزاعات يقف فيها الجيش بعيدا لأنها طبيعية ولاتدخل في سياق التهديدات الفعلية الخارجية ، لذلك أرى من الغباء إرسال الجيوش إلى الشوارع عند كل هبّة شعبية مطالبة بالعيش الحر والكريم ، والجيش ليس بمنآى عن كل تلك المطالب الشعبية ففي النهاية يظل رئيس الأركان مواطنا صالحا يعرف أكثر من غيره الحق والواجب ! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 29 . 01 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت