قرأت نبئًا طريفا في موقع الـ بي . بي . سي . عربي مفاده : أن الرئيس الهايتي الأسبق جون كلود دوفالييه ، والمكنّى بـ (بيبي دوك) ، قد عاد إلى بلده هايتي قادما من منفاه في فرنسا ، بعد ربع قرن من الإطاحة بنظامه بإنتفاضة شعبية مطابقة لإنتفاضة الشقيقة تونس التي أطاحت ببن علي ! ..
بيبي دوك البالغ من العمر حاليا 59 سنة ، كان قد ورث لقب رئيس (لمدى الحياة) عن والده وهو في سن 19 ، وهو متهم منذ توليه الحكم بهايتي بالفساد والقمع وانتهاك حقوق الإنسان في الفترة الواقعة بين العامين 1971 و 1986 ، وهو متهم أيضا بإختلاس الملايين من الدولارات ، وهو الأمر الذي ينفيه الرجل ! .. وكان دوفالييه يعتمد أثناء حكمه على ميليشيا خاصة ـ تماما كما فعل والده من قبله ، وتماما كما فعل النظام التونسي الهارب ، الذي ترك خلفه ميليشيات مرتزقة لترهيب الشعب من بعده ـ حتى العام 86 حيث أجبر على الرحيل إلى المنفى على إثر إنتفاضة شعبية ! ..
وما يهمنا من تجربة هذا البيبي ، أنها مشابهة لتجربة البيبي التونسي الهارب ، فكلاهما أطيح بهما ، وأجبرا على التهجير من أوطانهم التي إدّعيا ملكيتها ، والتي حولاها إلى متاع خاص ! .. وكلاهما بصم بتأبيد أحكام العبودية على شعبه ! ..
ولعل المفارقة الوحيدة بين الرجلين هي الزمن الذي تقاطعت فيه مصائرهما : فبيبي هايتي قيل له (Come) ، بعد أن كان قد طلب السماح من شعب هايتي في مقابلة إذاعية أجريت معه في العام 2007 ، على كل ما إقترفه في حقه من إنتهاكات وتجاوزات ، وأعلن عن توبته وندامته ! .. وهوالآن في هايتي بعد إنتهاء عقوبة الغضب الشعبي عليه ، وهو محظوظ لأنه نال غفران شعبه في حياته ! ..
أما بيبي تونس فقد قيل له وللتوّ (Out) ، والله العالم هل سيعيش حتى يأتي اليوم الذي سيطلب فيه الغفران من شعبه أم لا ؟! .. وهل سيأتي اليوم الذي سيستنشق فيه عبير الياسمين مرة أخرى وربما أخيرة تذكره بمسقط الرأس ، وبصرخة الحياة ، وبطيبة الأرض التونسية ؟! ..
هذا ما لايضعه المستبدون بالعباد في الحسبان ، أنه بعد النكسة هل تكفيهم كل ثروات الدنيا لاسترجاع حفنة من تراب الأوطان ، التي لايعرفون قداستها إلا بعد أن تحرم على أرجلهم أن تطأها ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17 . 01 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت