أليس غريبا أن تكون فرنسا أول دولة تعترف بشرعية المجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا ، على إعتبار أنها إحدى أكبر القوى الإستعمارية في التاريخ القديم والحديث ؟! .. فصحراء الجزائر لاتزال شاهد عيان على جرائم فرنسا ، وعلى سمومها التي لاتزال تخلف الضحايا رغم رحيلها .. فرنسا التي ما سلم منها شيء في الجزائر ، لا البشر ولا الطير ولا الشجر ولا حتى الحجر ، لأنها إنتهجت سياسة الأرض المحروقة فقط لتتركها بورا ، بعد أن كانت تنهل من طيباتها قرنا من الزمن ! .. فرنسا صاحبة الوجه البشع ، والتاريخ النتن ، تنتهز أول فرصة تتاح أمامها ـ في ظل حكومة ساركوزي العبثية ـ للإعتراف بمدى ندمها على حقبتها الإستعمارية السوداء ، وهو إعتراف بحق الشعوب في الحرية من كل ما يعتبرونه قيدا ! ..
وإنني إذ أشيد بالمبادرة الفرنسية المساندة للثوار الليبيين ، والداعمة للحرية وللأحرار ، فمن الضروري ، بل ومن الشهامة واللباقة ، أن أستظهر الوجه النبيل لفرنسا الثورة التي تعتبر من أعظم الثورات في تاريخ البشرية ، والتي قامت ضد (الملكية المطلقة) ، و(الإمتيازات الإقطاعية للطبقة الأرستقراطية) ، و(النفوذ الديني) ! .. وثورة فرنسا لم تدم بضعة أيام ، أو بضعة أسابيع ، أوحتى بضعة شهور ، بل دامت (عشر سنوات 1789 ـ 1799 ) ، حتى تحصد نتائجها ، ويتمتع بشمس حريتها من بقي على قيد الحياة من المناضلين ! .. فرنسا غمرها الشعب الليبي الباسل ويوميات مقاومته ، بالحنين إلى ذاك الزمان ، أين إنتصر الشعب ، وأسقط الحكم المطلق ، وألغى الإمتيازات السلطوية ! ..
وإذا كانت فرنسا قد أنبها الضمير على جرائمها ، أو حنينها إلى زمن الثورة الشعبية قد غمرها ، لتعترف بحق الشعب الليبي في الثورة ضد الحكم الأحادي الديكتاتوري ، الممسوخ الذي لا ينتمي إلى أي فصيلة من فصائل الحكم .. فإن الضمائر العربية لايبدوا أنها تستجيب لأي مؤثرات وتأثيرات ، بدليل همسات الحكومات العربية بعدم قبولها بأي تدخل أجنبي في ليبيا ، فيما تلتزم الصمت حيال الإنتهاكات الحاصلة فيها ، وتتبنى الحياد موقفا معلنا رغم إقدام بعضها على تقديم مساعدات إنسانية لليبيا ، لكننا لاندري أهي للشعب أم هي للنظام ؟! .. فإذا كانت للشعب ، فالمساعدة الأهم التي يطلبها الشعب الليبي اليوم ، هي الإعتراف بمجلسه الإنتقالي الحر ، فلا معنى للمأكل والمشرب والملبس وحتى للدواء بدون إعتراف بالحق في الحرية والعيش الكريم ! ..
أتمنى أن لاتخذل الحكومات العربية شعوبها (كما هي عادتها دائما) ، وتبرهن للقذافي أن العرب لايكرهون الشعب الليبي ، مثلما أراد أن يقنعهم حين قال لهم (إن العرب جميعا يكرهونكم ، خصوصا أولئك الذين لايمتلكون نفطا ، فهم يحسدونكم على نفطكم) ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن | 11 . 03 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت