الصور تكون أحيانا أكثر بلاغة من الكلمات ، وأحاديثها أصدق من كل القيل والقال ، بل إن بعض الرموز تنفك لوحدها ، كملامح السياسي الذي لايتقن الكذب ـ مثلا ـ فيصفرّ وجهه أحيانا ، ويحمرّ أحيانا أخرى ، ويسودّ في أخرى خصوصا حين يكون المستفِز صحفيا مشهورا ومغمورا يتقن أساليب مهنته المشروعة منها ونقيضها ، ويعرف جيدا قوة الصورة وتأثيراتها على الرأي العام ! .. أما الضربة القاضية فهي أن يكون لذلك الصحفي برنامجا (قرداتيا) ـ على حد تعبير أحد الزملاء ـ يكون أشهر على علم كعموم برامج قناة بوزن الجزيرة القطرية! ..
وهذا ما حصل مؤخرا في حلقة من حلقات برنامج الحوار المفتوح الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور ، والذي إستضاف خلاله القيادي وكبيرالمفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات! .. هذا الأخير تصبّب عرقا في عز الشتاء ، بعدما وجد نفسه أمام تطويق كامل من طرف الصحفي الذي تلقى جرعة زائدة من مسؤوليه بالخروج عن كل سيطرة ، وتجاوز كل الخطوط الحمراء مادام الكبير الفلسطيني أُستضيف أساسا ليصغر ويتقزم أكثر مما هو عليه في عيون شعبه الذي إستأمنه على قضيته القدسية ، ومنحه ثقة إمتدت لعقود طويلة ! .. وأكاد أجزم أني فتحت عيناي على وقع إسم صائب عريقات المفاوض الذي إرتبط بالقضية الفلسطينية ، وبتنقلات الشهيد ياسر عرفات بين العواصم العالمية في سعيه الحثيث لنيل الحق الفلسطيني المشروع في دولة معترف بها ! .. صائب عريقات الذي إستضافه أحمد منصور ليس بوصفه بطلا قوميا شاب رأسه وشابت حواجبه في خدمة القضية الفلسطينية ، بل بوصفه خائنا وعميلا باع القضية ! .. ولم يُفده كثيرا تفطنه للفخ بمجرد تعتيبه لقصور اللؤلؤة القطرية ، كما لم يُفده تكراره الكثير لعبارة (أنت مزور) في إخفاء الحقيقة الصادمة بأن تلك الوثائق المسربة حول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية هي فعلا صحيحة ، لأن ملامحه وإرتباكه وغوغائيته وشخصنته كلها أكّدت ذلك ! ..
[ .. أتعتقد أنني لاأعرف عنك شيئا ؟! ..] هذا ما قاله كبير المفاوضين للصحفي ، في إشارة إلى تسلحه (هو أيضا) بمعلومات عنه هي أكيدة ، لأنها لو كانت عكس ذلك فلن يتجرأ على سردها أمام ملايين المتابعين ، لأنه حينها سيفقد مصداقيته ! .. ثم إن الصحفي لو لم يكن متأكدا من صحة تلك المعلومات حول فساد الطاقم الفلسطيني المفاوِض والمُساوِم في ثوابت الشعب والأمة ، ما كان ليكون بتلك الجرأة ، وما كان ليُمنح الضوء الأخضر من مسؤولي القناة لمهاجمة ضيفه بتلك الشراسة ، لما تمثله القضية الفلسطينية عموما من رمزية لدى كافة العرب ، وحرصهم على بقاء صورتها ناصعة نصوع سِير شهدائها ! .. وعلى هذا الأساس تبدو الأمور جلية ! ..
فكان الحوار مفضوحا بامتياز لوضوح الصورة ونقائها ، وعدم حاجتها إلى كلمات أصحابها ، بل يُستحسن لمن قام بتسجيل اللقاء ـ على سبيل التوثيق لسلسلة خيباتنا العربية ـ أن يضع موسيقى مؤثرة وحزينة بدل أصوات أحمد منصور وصائب عريقات ليتفاعل أكثر مع الأسى العربي ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 27 . 01 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت