هل كان الشعب المصري سيُجبر نظامه على إحداث بعض التعديلات الحكومية ، وإستحداث منصب نائب للرئيس ـ مثلا ـ بعد إقصاء تام للشراكة في الحكم دام ثلاثين عاما كاملة! .. وهل كان ذات الشعب سيكرر نفس سيناريو شقيقه التونسي ، لو لم يبادر هذا الأخير إلى الثورة أولا في وجه ديكتاتورية بن علي والطرابلسي ؟! ..
لاأعتقد أن الشعب المصري الذي (تحمّل) جحيم نظام مبارك ثلاثين عاما ، قادرعلى إنكار الفضل التونسي في إعطائه دفعا معنويا كبيرا ، وشحنة قوية لإرادته التي شجعته على النزول إلى الشارع وكسر أقفال قانون الطوارئ التي كبله بها النظام لثلاثة عقود ! .. فالشعب التونسي لم يمهل بن علي أكثر من عقدين ، كما لم ينتفض قبله أي شعب ويطيح برئيسه ـ في التاريخ الحديث والمنظور على الأقل ـ لنقول بإمكانية تأثره به وإستلهام روح التحرر منه ! .. فلماذا إذن نرى ونسمع الإخوة المصريين هذه الأيام يبادرون إلى نفي وجود أي وجه للمقارنة بينهم وبين إخوانهم التونسيين ، ويكثرون من ترديد العبارة : ( مصر ليست تونس) ؟! .. رغم أننا نعلم جميعا أن تلك العبارة هي مجرد نكران ! ..
فالتظاهر في الشارع هو سلاح قديم أطاح بالكثير من الأنظمة والديكتاتوريات ، والشعب التونسي أعاد إحياءه وفاجأ العالم بفعاليته .. فمن منا لم ينذهل لسماعه نبأ فرار بن علي الذي حكم بقبضة من حديد ؟ .. ومن منا لم يرفع القبعة للشعب العربي الصغير الذي أبهر العالم بأكبر ثورة شعبية ؟ .. وبعد نجاح الشعب التونسي البالغ تعداده عشرة ملايين فقط ، تفطن الشعب المصري لطاقته البشرية البالغة ثمانين مليونا ، وكيف أنها تستطيع أن تسحق آلاف حسني مبارك وآلاف المرات خلال العقود الثلاثة التي أمضاها جاثما على صدره ؟! ..
فقط بعد مشاهدة طريقة السقوط الهزلية والساخرة لنظام بن علي (البوليسي) في تونس على يد شعبه الأعزل ، تشجعت الإرادات المصرية لمواجهة بوليس مبارك وإحراق مقرات الحزب الحاكم ! .. بعد كل هذا ألا يجب الإعتراف لصاحب المبادرة الأولى ولو بالقليل من جميل التحفيز على أقل تقدير ؟! ..
صحيح أن لكل شعب خصوصيته ، لكن نتيجة سقوط نظام بن علي هي حتما ما إستخلصه الشعب المصري من التجربة التونسية ، وهو يعمل الآن لتحقيقها لكن بطريقته الخاصة ، وبطاقته هو ، وبحسب ما يتماشى وخصوصية مصر! .. هذا هو الكلام المنطقي الذي كان يجب أن تسير في سياقه أفكار الإخوة المصريين ، ونسب الحافز إلى أشقائهم التونسيون لن ينتقص شيئا من مكانة مصر العظيمة في قلوب جميع العرب ، بل هي كبيرنا الذي لايزيده إطراء إخوته الصغار والتواضع لهم سوى رفعة وعظمة ! .. ونحن جميعا نفتخر أن تكون (مصراليوم هي تونس البارحة) في إرادتها الشعبية العازمة على النهوض من تحت الأنقاض ! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 30 . 01 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت