ليس مُفاجئا أن يظهر التفاجؤ ، والخوف ، والهلع ، على وجوه المسؤولين الإسرائيليين ، في الذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية .. نظرا لما تشهده المنطقة العربية ، من تزايد في (الوعي التحرري) من كل مظاهر التعسف ، والظلم ، والإستبداد !.. وإسرائيل تمثل مظهرا سافرا ، وخليعا من تلك المظاهر .. لذلك ما كان على نتانياهو ـ ورعايا إسرائيل اللقطاء من مختلف بقاع العالم ـ أن يتصبّبوا عرقا ، وأن يدُب الخوف والفزع في قلوبهم ، للأنباء التي تردهم عن إخترقات (الشعب المُبعَد) لحدود أراضيه التي إغتصبوها منه ، وقاموا بتسييجها بالحديد والنار وبالشوك والكهرباء ، والتي هجّروه منها قسرا ذات يوم من عام 1948 .. لأن (دائرة) نيران الثورات العربية التي تحيط بإسرائيل من كل حدب وصوب ومن كل جانب ، كفيلة بإحراقها أيضا وبكل رموزها وكهنوتها وكيانها الإستعماري الغاشم !..
المواطن الفلسطيني أكثر رغبة من أي مواطن عربي آخر في فداء أرضه بدمائه .. وإرواء عطشها للحرية ، والسكينة ، والسلام بها !..
المواطن الفلسطيني أكثر رغبة من أي مواطن عربي آخر في الموت في سبيل تقبيل تلك الأرض ، على العيش مغصوب العودة إلى حضنها !..
المواطن الفلسطيني أكثر رغبة من أي مواطن عربي آخر في مجابهة الرصاص ، لخطف عناقِ تلك الثرى عناقا أخيرا قبل الرحيل !..
المواطن الفلسطيني ليس مواطنا عربيا عاديا ، حتى تتهم إسرائيل حكومتي إيران وسوريا بتوجيهه ، وبشحنه بمشاعر العداء والثورة ضدها !.. لأن الحكومتين المذكورتين ليستا وفيتين للقضية الفلسطينية بقدر وفائهما لإسرائيل نفسها ، بوصفها حليفا إستراتيجيا لهما في المنطقة ، يخدم المصلحة الثلاثية المُشتركة في هدم أركان (الوحدة العربية) وطمس معالم (الإسلام الحق) !..
المواطن الفلسطيني ليس بحاجة إلى حافز ، لأن حافزه للإنعتاق أقدم .. وليس بحاجة إلى إرادة لأن إرادته أقوى من كل الإرادات العربية مجتمعة في إسقاط أنظمتها !.. فالمواطن الفلسطيني ليس بحاجة لغير نظام مقاومة المحتل الغاصب حتى آخر نفس وآخر رمق ، وإسرائيل أدرى من كل العالم بذلك !..
المواطن الفلسطيني كان مكسور الجناح فقط ، ولم يكن مكسور الإرادة !.. لذلك شعر بالقوة تدب فيه ، بعدما رآى الحراك الشعبي العربي ضد الظلم والإضطهاد !..
المواطن الفلسطيني كان يشعر بالوحدة فقط ، لأن كل شعب كان منكفئا على مطاردة أحلامه (الثانوية) ، وكل شعب تناسى قضية الأمة الجوهرية والأساسية !..
أما اليوم .. فهو يشعر بأثير الحرية المنبعث من ربيع الثورات الشعبية العربية ، القادم من الشرق والغرب ، ومن جميع جهات الوطن العربي !..
لذكرى النكبة هذا العام ، طعمٌ آخر ، ولونٌ آخر !.. كيف لا والمواطن الفلسطيني لم يشعر منذ ثلاث وستين سنة خلت ، بشدة الرّكن العربي ليسند إليه ظهره ، ويتوجّه تلقاء بيت المقدس !.. بيت المقدس الذي ظن الكيان الغاصب أنه أصبح (خردة تاريخية) بعد صلاح الدين ، وظن أن صلاح الدين من طينة نادرة الوجود ، تم تلبيس قبره ببقاياها ، وأن فناء جسده هو فناء روح الحق من بعده !..
لذكرى النكبة هذا العام ، آفاق مُستقبلية واعدة .. بأن حق العودة لن يبقى مُجرد مطلب من أضغاث الأحلام ، وأنه لا الإسمنت المسلح ، ولا الأسيجة الشائكة ، ولا الكهرباء ، ولا الرصاص ، ولا النار ، كلها ستقف في وجه قافلة العودة القادمة عمّا قريب إن شاء الله !..
لذكرى النكبة هذا العام (غِير شكل) .. في فلسطين غِيــر !.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت
تاج الديــن | 16 . 05 . 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أترك تعليقا لو أردت