بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 يونيو 2011

طمّاعون ومساكيـن ؟!


كان من الممكن أن نصدّق بأن المملكة المُتحدة ، مدفوعة بإنسانيتها حين هبّت لنصرة الشعب الليبي الذي إستغاث بعدما إستفاق بغتة ، ذات سابع عشر من فبراير الماضي ، بالملائكة وبالجان وحتى بالشياطين .. لتخليصه من مكبوتات ، وصمت ، وقهر، وأغلال ، أربعة عقود ماضية كاملة ، من ظلم وجبروت الطاغية المجنون !.. وكان من الممكن أن نتحدث عن الكرم الإنجليزي في سبيل الحق والحرية ، لذلك أُنفق مايزيد عن أربعمائة مليون دولار ، على قصف البنى التحتية الليبية .. لو أن بريطانيا إلتفتت إلى (شقيقها) اليوناني المُفلس ، ولو بنصف ذلك المبلغ ؟!..
أتراه الشعب الليبي ، أغلى لدى بريطانيا من الشعب اليوناني الذي تجمعهما أشياء كثيرة مشتركة غير الرقعة الجغرافية الأوروبية الواحدة ؟!.. لذلك رفضت ـ وبشدّة ـ العرض الإيطالي بوقف العمليات العسكرية على ليبيا ، حتى يتم تزويد المدنيين بالمٌساعدات الإنسانية ؟!..
هل يمكن أن يكون إنقاذ ليبيا العربية ، البربرية ، الهمجية ، الإرهابية ، أولى لدى بريطانيا وباقي حلفاءها الأوربيين .. من إنقاذ اليونان الشقيق من محنته التي تهدد أوروبا برمّتها ؟!..
هل يمكن أن تكون دماء الليبي أغلى من دماء اليوناني ؟!..
الحقيقة أن العقلية البراغماتية ، هي ما يدفع الغرب للوقوف إلى جانب الشعب الليبي الواقف على ثروات لاتعد ولا تحصى ، تستطيع تعويض تلك الخسائر وزيادة !.. وهي ما يدفعهم إلى التنكر للشعب اليوناني المُفلس والمُنكسر رغم أنه الأقرب ؟!..
هي ليست إنسانية إذن ، ولا إنتصارا للحق ، ذلك الإصرار العجيب لدى الغرب على مساعدة الشعب الليبي .. بل هو الطمع في نيل مكافآت سخية بعد هدم مساجد ليبيا ، ومدارسها ، ومستشفياتها !..
والطمّاع في عرفنا وفي بعض أمثالنا الشعبية يبيت ساري .. أي يخرج صفر اليدين بعد تعب مُضني !.. وسيناريو الحرب في ليبيا يؤشر لخيبة أمل كبيرة مُقبلة !.
وأتساءل عمّا سيحدث للمساكين الليبيين بعد خيبة أمل ورحيل الطماعين الأوروبيين عن أجواء ليبيا ، وبقاء نظام الطاغية القذافي دون رحيل ؟!..
23 . 06 . 2011 



الأحد، 12 يونيو 2011

أوطان معروضـة للبيع !

أوردت بي بي سي نبئا عن قمّتي جبلين معروضتين للبيع ، وهما ضمن سلسلة جبال الألب الشهيرة بالنمسا !.. وقُدر مبلغ القمتين ـ بحسب نفس المصدر ـ بـ (مائة وواحد وعشرين ألف يورو) !.. ورغم أن المبلغ يبدو خياليا لفئة من الناس ، إلا أنه يُعتبر (بقشيشا) لدى بعض الأثرياء من الملوك والأمراء والوزراء والمُدراء .. و .. وعند كل (مسعور) عربي بالنقود !..
وتخيّلت أن تُشيع نفس الوكالة ربما ـ في الغد القريب ـ نبئا عن رجل من طينة عربية ، يستحضر جانبه (الدكتاتوري) ، ويُنفق من (ذات يمينه) ليُنشئ له دكتاتورية على قمم جبال الألب ؟!..
تخيّلت أن يقوم (المُشتري العربي) بتسييج قممه ، وحبس (السكان الأصليين) داخل ذلك السّياج ويتسلط عليهم ، ويتحكم فيهم ، ويضطهدهم ، ويُحاسبهم في الطالعة والنازلة ؟!..
تخيّلته يُطاردهم في أرجاء (مزرعته) بالعصا والعُقال !..
ربما ذلك الهاجس إنتاب سكان تلك القمّتين المعروضتين للبيع أيضا ، إذ عبّروا عن جام غضبهم وحنقهم من حكومتهم التي ـ من المفروض ـ أن من واجبها حماية سيادة وطنهم ، وتأمين حرّياتهم ، وصيانة كرامتهم .. لا أن تقوم ببيع وطنهم هكذا ببساطة ، وبيعهم معه كالعبيد في سوق النخاسة ؟!..
تذكرت ـ تزامنا مع قراءتي للخبر ـ فيلم مصري بعنوان (عايز حقي) ، حيث يجد بطل الفيلم شابة جالسة في محطة القطار .. فيجلس بجانبها .. فتبادره الشابة بالسؤال ـ بعدما رأت نسخة من الدستور في يده ـ : هناك مادة في الدستور لم أفهم معناها لحد الآن ، رغم أنني طالعتها مرار وفكرت في معناها مرارا ؟!.. وهي تلك المتعلقة بحق كل مواطن في المال العام ؟.. وهل معناها أن لكل مواطن الحق في بيع نصيبه من ذلك المال ، فيما لو كان يعيش في فقر مُدقع ؟!.. كالبطل الذي تشتعل أمامه (لمبة) الفكرة العبقرية أثناء حديث الشابة عن ميراث كل فرد من مال الدولة !.. فهو إذ وصل إلى تلك المحطة .. وتلك اللحظة التي يجلس فيها بجانب الشابة (الفضولية) الجالسة بمحطة القطار .. كان قد مرّ بمحطات .. آخرها المكتبة العمومية التي تعمل بها حبيبته التي قامت بطرده ، فحمل كتابا لم يكن يعلم بأنه الدستور .. أو بالأحرى لم يكن يبالي لحظتها ، لذلك هزّ كتفه ومدّ شاربيه قبل أن يُغادر !..
لم يكن يعلم أنه حمل معه مفتاح الكنز ، الذي سيحقق له كل أحلامه ، وأغلاها على قلبه حلم الزواج بحبيبته !.. فقام فعلا بالزواج بالمجّان .. وبسم إمتلاكه لحصة من المال العام ترخص له بذلك !.. بعدها تطور الحلم في بيع الحصص من المال العام ، ليصل إلى حد عرض الوطن برمّته للبيع في مزاد علني ؟!..
وفي لحظة فارقة ، لاحظ البطل أن (فئة بعينها) مُصرّة ـ أكثر من غيرها من المُزايدين ـ على الشراء  ، ومهما كلف الثمن ؟!.. فعرف أن وطنه يساوي الكثير ، مادامت تلك الفئة بذلك الإصرار لشرائه رغم أنها لم تنشأ على ترابه ، ولم ترتوي بمياه أنهاره ؟!.. فكيف به يعرضه هو للبيع بعدما حوى ذلك الوطن كل ذكرياته وكل أحلامه وكل أمانيه ؟!..
ذلك كله في التمثيلية .. أما في واقع النمساويين ، فمسألة عرض الوطن للبيع حقيقية وبالكاد يُصدّقونها .. أو نصدّقها نحن !.
12 . 06 . 2011 





أسامحك يا وطنـي !

أسامحك يا وطني على ربع قرنٍ مضى من عمري ، وأنت تصادر أحلامي ، وتقبر إمكاناتي ومواهبي وملكاتي !..
ربع قرن لا أجزم أنك قادر على تعويضي حتى عن جزء ثانية منه .. لكنني أسامحك !..
ربع قرن مضى من عمري يا وطني وأنا أنتظرك .. أن تعطيني إشارة ، أو لمحة خاطفة عن حاضري الذي كان فيما مضى مُستقبلي !.. أو تخبرني بأنني على موعد مع الثورة ؟!.. ليس لأعد العدة لحرب ضروس مع الشر الذي أطبق على أنفاسي ، وسلبني حرّيتي ، وانتهك كرامتي وآدميتي ، فحسب .. بل كَي أختصر كل ذلك الزمن المهدور من عمري على عتباتك .. وأجعل منك جنة ، كنتُ لأعيش في فيافيها ، ولن أقبع في جحيمٍ ، كنتُ قادرا على كسر قيدي في غياهبه !.. لكنني لم أكن أعلم بأنني أعلم .. وأنت يا وطني كنتَ مُرشدي لكنك لم تعطني إشارة !.. ولم تُعلمني بما لم أكن أعلم ؟!..
لم تخبرني يا وطني بأن دمائي كالنيران حارقة ، ومحترقة كما جميع دماء الثوّار ؟!..
لم تخبرني يا وطني بأن (النفط العربي) يسري أيضا في عروقي !.. وبأنني كائن عربي (سريع الإلتهاب) !..

12 . 06 . 2011 




السبت، 11 يونيو 2011

أطبّاء .. وجِراح وطـن !

ولأن المُتناقضات في حياتنا أصبحت متلازمة كالهواء الذي نتنفسه ، أو كالمياه التي لاتستمر الحياة بدونها .. فلا نستغرب إذن أن نرى الأطباء هم مَن يزيدون تعميقا للجراح ، رغم أنهم أقسموا على أن يُداووها لا أن يزيدوها .. كما أقسموا على أن تكون (الروح) أغلى عندهم من كل كنوز الدنيا ، وإنقاذها هو واجبهم المُقدّس .. لكنهم يكتفون بالفرجة على آلاف الأرواح وهي تُحتضر أمامهم ، و(يُضربون) عن إنقاذها ـ أو حتى محاولة ذلك إذا كان أجلها قد حان ـ من أجل (المادة) ؟!..
قد لا يكون مشهد الأطباء الفلسطينيين (غريبا) ، وهم يُضربون عن علاج المرضى ويُطالبون بمعاملة مُحترمة ـ وهنا حين نقول (معاملة مُحترمة) فبالتأكيد نقصد راتبا كبيرا ومُحترما ، ومسكنا فخما ومُحترما ، وسيارة فارهة ومُحترمة .. وكذا جملة من الكماليات المُحترمة ـ لكنه مشهد يؤلم المُتفرّجين من العرب ـ أمثالي ـ  بشدّة !.. لأن فلسطين لا تنقصها الجراح ، خصوصا ممن يُفترض بهم علاجها وتطييبها وتطبيبها حتى بالمجّان .. فيساومون بأنانيتهم وطنا على نزيف شعب ؟!..
ألا (يتطوّع) كل من يُحسن التطبيب والتمريض أثناء الحروب ؟!.. بلى .. وفلسطين في حالة حرب منذ عقود .. ولم تتوقف دماء شعبها عن النزيف ، ولا دموع ثكلاها وأيتامها عن الإنهمار منذ عقود !.. فلسطين تعيش تحت إحتلال مُزمن لم يتوقف منذ أن وطئ أول يهودي غاصب أراضيها ، وهي في حالة حرب حتى إخراج آخر يهودي غاصب من بين أركانها ، وحتى تحرير كل شبر من أراضيها !.. فلماذا إذن يُطالب أطباءها أن يُعامَلوا (بإحترام زائد) كأطباء باقي الدول ؟!.. فهم لا يشبهونهم حتى ، لأنهم في حالة حرب وتحت الإحتلال ؟!..
مُؤلمُ جدا مشهد تلك الأم التي أصيبت بنيّتها بجلطة دماغية ، فحملتها بين ذراعيها ، وهرولت بها نحو مستشفى الضفة الغربية ، حيث كانت تنشد أمل إنقاذها لدى الملائكة من أصحاب المآزر البيضاء .. فتتفاجأ بالملائكة قد أضربوا عن رفرفة أجنحتهم ، حتى ينالوا مُقابلا لذلك !.. توقف دماغ الطفلة الصغيرة عن كل شيء ، حتى عن الحلم بالملائكة وهي تواسيها عند القضاء المحتوم !.. وكذلك أدمغتنا نحن ، رغم أننا لسنا في حالة غيبوبة مثلها (أو هكذا نعتقد) ؟!..
لا أقول إنه ليس من حق الأطباء أن يتقاضوا أجورا عالية ، إستنادا إلى شهاداتهم التي إقتطعوا سنين طوال من أعمارهم حتى حصّلوها .. ونظرا لمهامهم الميدانية التي تجعلهم يصلون ليلهم بنهارهم أحيانا كثيرة ، ويقتطعون إجازاتهم وساعات نومهم في بيوتهم و بين عائلاتهم !.. لكن ، ألم يكن إلتحاق الأطباء الفلسطينيين (تحديدا) بكليّات الطب ، هو من أجل خدمة الروح الإنسانية في المقام الأول ، ومن أجل خدمة القضية الفلسطينية الخالدة برسالة من أنبل الرسالات وأسماها عن كل الماديات ، بتطبيب جراح الشعب الرازح تحت الضغوط النفسية ، وتحت الحصار ، والقصف ، والعصف ، والتنكيل ، والتقتيل ؟!..
إذا كان هدف ـ أولئك الأطبّاء ـ من تعلم الطب هو رغبة في خدمة رسالة الطب ، ورغبة في إنقاذ ما أمكنهم من (أرواح) بشرية ، فالمُقابل (المادي) في هذه الحالة ـ من المفروض ـ سيكون آخر ما يفكرون فيه !.. أما إذا كان هدفهم من ذلك هو تقاضي أجور عالية ، أوأن يحظوا بمعاملة مُحترمة ـ على حدّ قولهم ـ فالحكومة الفلسطينية كما شعب فلسطين ، لا يملكون ما يُنفقونه من أموال على أحلامهم الشخصية ، لأنهم يُوفرون كل قرشٍ وكل سنتيم من أجل (البقاء) ، ومن اجل الحلم الأوحد في فلسطين حرّة مُعافاة !.
11 . 06 . 2011 




الاثنين، 6 يونيو 2011

الطير الأبابيـل ؟!

يا له من (تشبيهٍ بليغٍ) أيّها (الثوّار الليبيون) ، بين طائرات حلف شمال الأطلسي ومروحيات الأباتشي ـ التي سَوّق لها (مُنقذوكم من الأبطال الغرب الخارقين) ، على أنها (الأكثر دقة) ، والأكثر (توفيرا) للوقت وللأرواح ، ولأرصدة ليبيا التي تجهلون أرقامها الحقيقية ، والتي بدأتم في التسول للعالم بإسمها ـ وبين (طير الأبابيل) الأسطوري ، وليس الخرافي .. لأن (الأسطورة) قد تكون حيّة في الحاضر أو في الماضي ، ومبنية أيضا على حقائق ، ولعظم أثرها في نفوس بعض الخليقة ، وللرفع من شأنها وتعظيمها يُطلقون عليها إسم أسطورة !.. أما (الخرافة) فهي ضربٌ من ضروب الخيال .. وهي أبعد ما تكون عن الواقع !..
(طير الأبابيل) الذي أحيا الثوار الليبيون ذكراه ، والذي أحيا فيهم (عقيدتهم) الإسلامية بالتدبر في القرآن وفي القصص القرآني ، وإدراك معانيه البلاغية وصوره وتشبيهاته .. والذي بات يدفعهم إلى التهليل والتعظيم والتكبير والتشهد في جبهات قتالهم .. لم يُرسله الرّب ليرمي (حجارة من سجّيل) على جيوش (أبرهة الحبشي) !.. وليس طائرا مُباركا بُعث لحماية بيت الله الحرام من نيران كراهية وحقد أبرهة (الأشرم الشفتين) التي تريد إحراقه وهدم أسسه وأركانه ؟!..
فطير الأبابيل ذاك .. هدم مدارس ليبيا ومستشفياتها ومؤسساتها وبناها التحتية ، دون أن يُصيب (أبرهة الليبي) بخدش واحد ؟!.. وفي الحقيقة لا أعرف لماذا لم تستطع تلك المروحيات الأباتشي أن تصيب أهدافها لحد الآن مع أنها معروفة بالدّقة ؟!.. ولا أدري لماذا لايتساءل الثوار الليبيون : لماذا لم تستطع تلك الطيور إصابة أبرهتهم ، رغم أنها أصابت جميع شعاب مكة ؟.. ومادامت تمتلك القدرة على إصابة حتى أصغر الأهداف ، وأكثرها تلبسا بمحيطها وبألوانه ؟!..
قد أصدّق حدّ التسليم ، بأن القذافي فعلا أبرهة ، ظالم ، غاشم ، حاقد ، نذل ، مُعتدي .. لكني لن أصدّق أبدا بأن طائرات حلف الناتو يمكن تشبيهها بالطير الأبابيل ، أو أنها تستحق ذلك الوصف فعلا ، حتى ولو إدّعت بأنها نيران صديقة !..
وإذا كان الشعب الليبي يعتقد بأن أرباب ذلك السرب ، لاينتظرون جزاءا على طلعات سربهم الجوية في سماء ليبيا وإستهدافه لأكثر مؤسسات ليبيا حساسية وحيوية .. فهو فعلا شعبٌ ضائع ومسكين !.. لأن أجزاءا كبيرة من ذلك الجزاء ، بدأ إقتطاعها فعلا من أرصدة ليبيا في البنوك الخارجية .. والقادم أعظم !.
06 . 06 . 2011 


الأربعاء، 1 يونيو 2011

ديمقراطية (الواجهة) في الجزائر !

في الوقت الذي يلتزم فيه النظام الجزائري الصمت ، حيال الثورات العربية الحامية الوطيس ، والدّائرة رحاها بين الشعوب المقهورة والأنظمة الديكتاتورية !.. وفي الوقت الذي يلتبس فيه الأمر على المراقبين من موقف الجزائر الرسمي ، والحقيقي من تلك الأحداث والثورات !.. فما بين متّهم لها بدعم الأنظمة المستبدة المُتهاوية ، بالأسلحة وبجيوش من المُرتزقة .. وما بين مُثنٍ على حيادها ورفضها لأي تدخلات أجنبية غربية في الشؤون الداخلية للدول العربية ، حتى ولو كان ذلك الرفض لفظيا كلاميا ورمزيا لا يُسمن ولا يُغني من جوع ؟!.. يبقى الشعب الجزائري (يشحت) من نظام (العزة والكرمة) ، سكن لائق ولقمة عيش طيبة ، في جزائر تفيض أراضيها بالخيرات لكنها ممحوقة البركة (والعياذ بالله) !.. ويبقى ينتظر موقفا (رجوليا) تجاهه وتجاه أوضاعه ، من ذاك النظام (الشهم) ـ الذي يُدافع عن الحريات والديمقراطيات العربية بعيدا عن أجواء الجزائر ، و(المُتأمّل) المُعجب في صمتٍ بالربيع العربي وبالشتاء والصقيع الجزائري !..
الواقع أن نظام الحكم في الجزائر لايختلف عن أي نظام آخر في قسوته وإستبداده ، سوى في حيلة واحدة .. ماكرة !.. هي (ديمقراطية الواجهة) ؟!.. أي أن النظام المدني المُمثل في (منصب) رئيس الجمهورية ، وفي الأحزاب والحركات اللبيرالية ، والإشتراكية ، وحتى الإسلامية المحسوبة على المُعارضة ، والمُتكالبة على مفاتيح (الخزينة العمومية) !.. كل أولئك ممثلون ومهرجون وحتى دُمى وجراجوزات في مسرحية هزلية سخيفة ، يرفع أصحابها (يافطات) قد تختلف (ظاهرا) لكنها تتشابه (باطنا) في (ولائها المُشترك) لنظام العسكر والجنرالات !.. وتبقى تلك الأحزاب والحركات كالخدم والعبيد المُجبرون على الصراخ والتنديد بدكتاتورية أسيادهم في الشوارع وعلى الملأ وجهارا نهارا .. وإذا أظلمت الدنيا وحلّ المساء يتسللون إلى قصور أسيادهم ، ويشاركونهم عربدتهم ، ويسكرون معهم على آلام ومعاناة الشعب ؟!..
قد يجلس على كرسي الحكم في الجزائر، مدنيا مُحبّا للعدل وآخذا بأسبابه كعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لكنه ـ يقينا ـ لن ينهض من فوقه (إذا بقي على قيد الحياة)  بنفس العقلية والشخصية والمبادئ التي جلس بها ؟!.. لأنه سيكون مجرّد (ريموت كنترول) في أيدي الجنرالات ، وذاكرة حية ومخزنا لتوجيهاتهم وتوجّهاتهم !.. وتلك الأيدي لايعرف أكثر أصحابها ما الإستنجاء ، وما الوضوء ، وما الإغتسال ، وما القبلة ، وما الإسلام حتى ؟!..
النظام (الحقيقي) في الجزائر يُماطل الشعب ، في إجراء إصلاحات جدّية وملموسة !.. وهو يُماطل بأحزاب (المُعارضة الشكلية) المُطالبة بملئ أفواهها وجيوبها أتعابا لقاء تضليلها وصراخها !.. وهو يكتفي بالفُرجة ، بمدّ إحدى عينيه على الخارج وعلى الجار الليبي ، والعين الأخرى على الداخل وعلى شعبه وتحركاته !.. وهو يترقب في كل ذلك ما سينتهي عليه كابوس ليبيا ، وما سيُخلفه الوضع هناك من تبعات ، وتأثيرات ، وظلال ، وإنعكاسات سيُلقي بها ـ حتما ـ على الجزائر !.. ليعرف حينها كيف سيتعامل مع مطالب الشعب الجزائري ، وكيف سيسطر مصيره (الديمقراطي) القادم ؟!.
 

01 . 06 . 2011 






 

الثلاثاء، 31 مايو 2011

أفضل نظام دكتاتوري عربي !

أهم نقطة تحسب للشعب اليمني ، هي حفاظه على سلمية ثورته !.. وهي نتيجة عكست كل التوقعات التي تكهنت ـ في بداية الإنتفاضة الشعبية ـ بتحول اليمن إلى بركة من الدماء ، بتقاتل أهله فيما بينهم وتناحرهم في سبيل قضايا جهوية وقبلية وطائفية !..
ورغم أن الشعب اليمني هو الضحية ، وأن نظام صالح هو الجاني .. إلا أن مماطلة النظام اليمني في الرحيل مُقدّما كل الذرائع والحُجج وبكل الوسائل والطرق ، إلا بطرق القوة والعنف والسلاح ، أمرٌ يُحسب للنظام حتى وقت قريب على الأقل !..
فالنظام اليمني يعتاش ـ من أجل بقائه ـ على (المراوغة الطريفة) .. و(حاشية الكرسي) ـ من أصحاب المصالح من (مجرمين سابقين) و (شركاء الفساد) و (أفراد من عائلة صالح) ـ تعتمد على (كاريزما) علي عبدالله الكرتونية الباعثة على الفكاهة والسخرية ، لإطالة أعمار (أنابيب السيروم) الممتدة بين أجسادها وجيوبها ، وبين خزائن الدولة وأموال الشعب !.. وحتى وقت قريب كانت تلك العصابة راضية بوضعها وبمكتسباتها ، رغم النداءات المُتكررة من الشارع تُطالبها بالرحيل !..
النظام اليمني ـ وبكل عيوبه ونقائصه ورغم إستبداده ـ يبقى الأفضل والأرقى في تعامله مع الموجة الإحتجاجية ، من بين كل النظم العربية التي ناهضتها شعوبها !.. فهو لم يلجأ إلى القوة والعنف كخيار مبدئي ، وكترمومتر لجس نبض الشارع وقياس درجة خوفه من الأجهزة الأمنية القمعية !.. ولم يلجأ أيضا إلى التعتيم على أجواء اليمن ، أو سدّ المنافذ أمام وسائل الإعلام العالمية لتغطية ما يجري هناك أوّل بأوّل !..
وأكثر ما يشدّ في السيناريو اليمني ، هو المقابلات والمكالمات التي يُجريها المسؤولون اليمنيون مع وكالات الأنباء ، ويدافعون من خلالها عن شرعية نظام (الأخ الرئيس) علي عبدالله !.. وهو مستوى من الديمقراطية لم تبلغه باقي الدول العربية على تشدق بعضها بالديمقراطية !..
ففي أيام الحرب والنار التي تحياها معظم الشعوب العربية ، يبقى النظام اليمني أحسن بكثير من غيره ، والأكثر رحمة ورأفة بشعبه حتى الأمس القريب !.. فعلا حتى دكتاتورية عن دكتاتورية تختلف ، ومستوى إستبداد عن مستوى آخر يختلف !.


 
31 . 05 . 2011